الرسائل والدلالات

الأسد في إيران.. الرسائل والدلالات

  • الأسد في إيران.. الرسائل والدلالات
  • الأسد في إيران.. الرسائل والدلالات

افاق قبل 5 سنة

الأسد في إيران.. الرسائل والدلالات

المحامي علي ابوحبله / رئيس تحرير افاق الفلسطينيه 

في زيارة هي الأولى منذ اندلاع الأزمة السورية التقى الرئيس السوري بشار الأسد بالمرشد الأعلى أية الله علي خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني في طهران ... ويبقى السؤال ماذا تحمل زيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، لطهران، ولقاؤه كبار المسئولين هناك، وعلى رأسهم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، رسائل متعددة، يمكن إيجازها بما أوضحه الأخير بقوله: «إن هوية المقاومة وقوتها تعتمدان على التحالف الاستراتيجي لسوريا وإيران»

هذه الزيارة، الأولى للأسد التي يقوم بها لإيران منذ عام 2010، جاءت في توقيت حسّاس تحضر فيه تحديات إقليمية ودولية متشابكة، وتبرز فيه علاقة طهران ودمشق عنصراً مهماً في جميع تلك التحديات. وفي إطارها العام، وضمن سياق التصريحات التي رشحت عنها، تُرسخ الزيارة مفهوم «العلاقات الاستراتيجية» التي تجمع الطرفين، غير المبنية على توافقات مرحلية. كذلك، تدلّ طبيعتها غير الرسمية، وتخطيها قواعد البروتوكول، على ماهية الحلف القائم بينهما.

ولعلّ أبرز ما تطرّقت إليه الزيارة، في إطار التعاون الاستراتيجي، الموقف المشترك الرافض للمشاريع الأميركية المتجددة في سوريا. وهو تحدٍّ ينخرط فيه الطرفان على كل المستويات، الميدانية منها والسياسية. فخلال استقباله الأسد، رأى خامنئي أن «مفتاح النصر في سوريا، وهزيمة الولايات المتحدة الأميركية ومرتزقتها في الإقليم، هو الرئيس السوري وعزيمة الشعب ومقاومته»، مضيفاً أن «هوية المقاومة وقوتها تعتمدان على التحالف الاستراتيجي لسوريا وإيران، الذي من شأنه إفشال تنفيذ خطط الأعداء». وأكد أن «المنطقة العازلة» المقترحة في شمال شرق سوريا «واحدة من المؤامرات الأميركية الخطيرة التي يجب رفضها ومقاومتها بشدة»، إلى جانب خطط الولايات المتحدة لتثبيت «وجود مؤثر» على الحدود السورية ـــ العراقية. ويأتي هذا الموقف الداعي إلى «مقاومة ومعارضة» مشتركة لمشاريع واشنطن في الشرق السوري، في وقت يشير فيه كلّ من تراجع واشنطن عن قرار «الانسحاب الكامل» من سوريا، وتعزيز قواعدها العسكرية في غرب العراق، إلى رجحان مقاربة الجناح الأميركي المعوّل على مواجهة إيران ومحاولة تحجيم نفوذها. وسيكون لتمتين التعاون السوري ـــ الإيراني الدور الرئيس في التصدي لتحديات تلك المرحلة. وكان لافتاً، في سياق الضغوطات الدولية على طهران وإعادة التفاوض حول «الاتفاق النووي»، أن الدول الأوروبية أصرّت خلال نقاش الانسحاب الأميركي من سوريا، على أن الفراغ هناك سيسمح بتعزيز النفوذ الإيراني.

أن يذهب الرئيس السوريّ بشار الأسد بنفسه إلى طهران تحمل الكثير من الأبعاد ألاستراتجيه والتغيرات التي تشهدها المنطقه والتحالفات  سيما وان العلاقه الاستراتجيه التي ترتبط فيها سوريا وايران نشكل مركز قلق استراتيجي لاسرائيل وستكون تلك العلاقه محور محادثات نتنياهومع بوتن في زيارته لموسكوا   ، وتعد زيارة الأسد لإيران وهي المرة الأولى التي يُغادر فيها الرئيس الأسد دمشق إلى عاصمة أخرى غير موسكو، منذ بدء الأزمة السوريّة قبل ثماني سنوات، الأمر الذي يعكس حالةً من الثقة، والإجراءات الأمنيّة الدقيقة، وتعافي سورية على أكثر من صعيد.

ويشكل اختيار الرئيس الأسد طِهران لكي تكون وجهته الأولى تجسيدًا لعُمق العلاقات الاستراتيجيّة بين البلدين، ووقوفهما في خندقٍ واحدٍ في مواجهة الإرهاب والمشروع الغربيّ والصهيو امريكي في المنطقة، حسب ما جاء على لسان المُرشد الأعلى، وتوجيه رسالة لأمريكا وإسرائيل بأنّ القوّات الإيرانيّة باقية في سورية.

وهذه الزيارة من المُؤكّد لم تكن بهدف التهنئة بعيد الثورة الايرانيه الأربعين  فقط وأهميّتها، للتنسيق حول كيفيّة التعاطي مع التهديدات الإسرائيليّة الأمريكيّة التي تستهدف البلدين ووضع إستراتيجية لمُواجهتها. وتاتي في سياق الرد على الادعاءات التي راجت في بعض وسائل الإعلام التي تقف في الخندق الآخر ضد سورية، وتقول أنّ الرئيس الأسد “مُحاصر” في قصره، ولا يستطيع مُغادرته إلى أيّ جهة أخرى غير موسكو، وبترتيباتٍ أمنيّةٍ روسيّة.

وكان لافتًا أن الرئيس الأسد التقى أيضًا أثناء هذه الزيارة الخاطفة الرئيس الإيراني حسن روحاني، حيث وضعه الأخير في صورة قمّة سوتشي الثلاثيّة الروسيّة الإيرانيّة التركيُة، وهي القمّة التي تُعتبر الأكثر أهميّةً من بين نظيراتها الثّلاث السابقة لأنّها، ومن خلال قراءة التطورات التي حدثت بعدها، وخاصة الهجوم الشرس وغير المسبوق الذي شنّه الرئيس الأسد على نظيره التركي رجب طيب أردوغان، فمن الواضح أن هناك خلافات حول المنطقة الآمنة المُقترحة في شمال سورية، وكذلك مستقبل إدلب، والدويلة التي تسعى أمريكا لإقامتها شرق الفرات، فروسيا اقترحت قيامها بدوريات لحفظ الأمن في المنطقة الآمنة لمِلء أيُ فراغ نتيجة الانسحاب الأمريكي كحل وسط، بعد تراجع تركيا عن قبول “اتفاق أضنة” السوري التركي، وإصرارها على أن تكون هذه المنطقة تحت إشرافها وحدها.

أن يسمع الرئيس الأسد من نظيره الإيراني مباشرة ووجهًا لوجه، عمّا جرى في قمة سوتشي أمر مختلف كُليًّا عن تلقّيه رسائل يحملها مبعوثون، سواء مكتوبة كانت أو شفهيّة، ولهذا يُمكن تصنيف اللّقاء بين الرئيسين في خانة الأهميّة القُصوى.

ولا ينفصل أي جهد أميركي في هذا السياق عن النشاط الإسرائيلي على مدى السنوات الفائتة، ولا سيما الاعتداءات المباشرة على الأراضي السورية. واللافت أن زيارة الأسد أتت قبل يومين فقط من لقاء (مؤجّل سابقاً) بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وهو لقاءٌ أكد الأخير أن ملف «الوجود الإيراني» في سوريا سيكون على رأس أجندته. وأتت هذه الزيارة لتعزّز ما قاله الطرفان السوري والإيراني غير مرة من أن الضغوطات الإسرائيلية لا يمكنها كسر التحالف القائم على أسس شرعية وعلى «عمق استراتيجي».

كذلك، حملت الإشارة اللافتة في اللقاء إلى «مرتزقة أميركا في الإقليم» بعداً مهماً، بالنظر إلى الظروف الإقليمية المحيطة بسوريا. فقد حاولت بعض الدول العربية الباحثة عن عودة العلاقات مع دمشق تسويق تلك العودة باعتبارها «محاولة عربية لانتشال سوريا من الحضن الإيراني»، مراهِنة على «حاجة دمشق إلى كسر العزلة السياسية». وأتت هذه الزيارة لتؤكد أن الجانب السوري ليس في وارد تقديم «تنازلات» بهدف إعادة تنشيط علاقات سياسية مع المحيط العربي، ولا سيما في ما يخصّ تحالفاته مع الدول الصديقة مثل إيران. وتشير إلى أن الضغوطات الأميركية على الدول العربية لإبطاء الانفتاح على سوريا سيقابل بتعزيز التعاون السوري ــ الإيراني.

وهنا لا بد من الاشاره إلى التصريحات التي أدلى بها الجنرال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لوكالة “تسنيم” وكشف فيها “أن الرد السوري الإيراني على الضربات الإسرائيليّة سيكون مُختلفًا في المرّات المُقبلة، وأكّد أنّ محور المُقاومة حقّق أكثر من 90 بالمئة من أهدافه في سورية.

هذه التّصريحات تزامنت مع كشف إيران عن غواصة متوسطة الحجم انضمّت إلى سلاحها البحري، وقادرة على إطلاق صواريخ باليستيُة، وكذلك استعراض صاروخ جديد يبلُغ مداه 1300كم مزوّد برؤوس ذكيّة، وإجراء مُناورات بحريّة في مضيق هرمز وبحر عُمان والمُحيط الهندي لمُدّة ثلاثة أيّام.

وتأتي زيارة الأسد إلى إيران بعد أسابيع قليلة على توقيع سوريا وإيران «مذكرات تفاهم إستراتيجية» تصوغ مسار العلاقة الاقتصادية المستقبلية بين البلدين اتفاق تعاون اقتصادي "طويل الأمد"، شمل قطاعات عدة أبرزها النفط والطاقة الكهربائية والزراعة والقطاع المصرفي.

هذه الزيارة الخاطفة لها رسائل ومدلولات على الصعيد العربي والإقليمي والدولي  وهي إن كانت زيارة عمل ليوم واحد، الا أنها تعكِس تسارع عودة سوريا لتعلب دورا سياسيًّا وعسكريًّا في المنطقة وتشكل نقطة ارتكاز للتحالف الاستراتيجي بين إيران وسوريا ، وقد تمهد إلى زيارات أُخرى منها عواصم عربيّة ودوليّة في المُستقبل القريب وقد تكون من دلالات الزيارة رسالة تسبق انعقاد القمة العربية المقرر انعقادها في تونس حيث يختلف الزعماء العرب فيما بينهم لدعوة الرئيس السوري لهذه القمه  ،

 

التعليقات على خبر: الأسد في إيران.. الرسائل والدلالات

حمل التطبيق الأن